مذكرات إنسان..

من طرف **Texas Boy** 24/09/07, 07:16 pm

مذكَّراتُ إنسانْ..

كتبتُ كثيرا ً

عن حبِّي

وعن حبيبتي

كتبتُ عن شِعري

وعن وصيَّتي

لكن كيف لم أكتب يوما ً عن نفسي

عني أنا

عن إنسانيَّتي؟

كيف لم أجرِّد نفسي يوما ً من الحليِّ

لأكون كما أنا

إنسانٌ فقط

في هذه المملكة العظيمة؟

كيف لم أجرِّد نفسي من أبياتي

ومن آهاتي؟

كيف لم أستطع يوما ً أنْ أهرب من الشعارات المهترئة

ومن قيود معتقداتي؟

أنا اليوم يا سادة ُ

أكتبُ عن نفسي لا عن قشورها

لأنني أدركتُ أنني مجرَّد إنسانْ

أكتب عنكم باسمي أنا

ناسيا ً الحزنَ

واللوعة َ

والكفر والإيمانْ.

بداية ً

عرفتُ حبيبتي

تلك التي وجدتها في آنية الزهر ِ

التي كنا نضعها أنا وأمِّي على طاولة الشرفة

ونسقيها

ونعتني بها يوما ً بعد يوم

وكلَّ يوم

كم كنتُ أبلها ً

يوم لم أنتبه لتلك الزهرة اليانعة

كيف كبرتْ ولم أنتبه؟

كيف تفتـَّحتْ ولم أنتبه؟

ويوم رأيتها

تلك الزهرة الرائعة

أحببتها

فأخرجتها من آنيتها

وزرعتها أبدا ً في قلبي

وذبلتْ من بعدها

كلُّ زهرات الآنية الناصعة.

بعد حبيبتي

وجدتُ نفسي

على ذات الشرفة

تعلـَّمتُ أنَّ الدنيا تموتُ

إنْ لم نسقِها كلَّ يوم ٍ

بابتسامة ٍ ، وأغنيةٍ

وطرفة

تعلـَّمتُ

أنني مجرَّدُ بيتٍ واحدٍ

من قصيدة ٍ بألف ألف بيتْ

تعلـَّمتُ

أنني لن أرى الضفة الأخرى من الدنيا

إنْ بقيتُ جالسا ً مكاني

وأنادي {عسى ، وليتْ}

وجدتُ نفسي

عن طريق الصدفة

يوم أخرجتُ حبيبتي من الآنية

وزرعتها في قلبي

بعيدا ً عن الشرفة

وجدتُ نفسي فيكم

يوم خرجتُ من قوقعة الغرور ِ

وعبرتُ معكم الضفـَّة.

ظننتُ سابقا ً

أنني تخطـَّيتُ مرحلتين من عمري

دون أنْ أدري

ظننتُ أنني أضعتُ طفولتي

وأنني لن أكون يوما ً مراهقا ً

إلا أنني قد كنتُ مخطئا ً

فطفولتي

أنا لم أزل أعيشها

وعلامات المراهقة بدأتُ أراها

بدأتُ ألمح الكثير من النسوة

وأعجب بهذه

وأحبُّ هذه

بدأتُ أحبُّ الصبح القهوة

كم جلستُ في الماضي صباحا ً على شباكي

وشربتُ القهوة؟

لكنَّ قهوتي هذه المرَّة أشهى

وشباكي بات أوسع من ذي قبل

حتى الصبح نفسه

أصبح قدسيَّا ً عندي

أصبحتُ لا أنام كي أشهد الصباحْ

أصبحتُ أهوى النسيمَ

وأهوى رائحة التفاحْ

التي تزورني أحيانا ً

وتسلـِّم عليَّ

وتصافح يديَّ

وتمشي

قاصدة ً صبحا ً آخر

وشباكا ً آخر

وفنجان قهوة ٍ آخر...!

في هذه الأيَّام

لم يعد الصبح لي وحدي

فأنا قد تعلـَّمتُ أنَّ التاريخ ليس حكرا ً لأحدٍ

تعلـَّمتُ أنَّ الصبح قبل أنْ يكون لي

هو ملكٌ للقهوة ِ

ولحبَّات الهال ِ

هو قبل الجميع ِ

مثل أغنية {مشوار}

ملكٌ للسيِّدة فيروزْ.

من منكم يعرف من أين يأتي الصباحْ؟

حتى أنا لم أكن أعرف

لكنني انتظرته يوما ً قبل أنْ يأتي

ورأيتُ الطريق الذي أتى منهُ

كان ذاك الطريق مظلما ً

وعرا ً

كان الطريق عرضة ً للوحوش واللصوص

وللأعداء والحكوماتْ

حتى الصبح الذي نراه في مدينتنا مشرقا ً

في طريقهِ

كان شاحبا ً

كان يبكي مرارة ً

ومن بعيدٍ يبدو كشبح ٍ مجنونْ

يوم عرفتُ من أين يأتي الصباحْ

حزنتُ لحالهِ

فالصبح مثلنا

يجتاز ألف نهر ٍ ، وألف بحر ٍ، وألف جبل ٍ

قبل أنْ يصل لمبتغاه

لذا

وقبل أنْ يأتي الصبحُ

صرتُ أخرج لألاقيه في أول الطريق

ونأتي سويا ً

وأحيانا ً

أذهب إليه أنا حاملا ً معي فنجانيِّ قهوة ٍ

فنجلس في كوخهِ

وأعود أنا

وينسى الصبح أنْ يأتي.

حين أكون وحدي

أجلس لأستذكر كلَّ لحظةٍ مرَّتْ في حياتي

فأنسى حياتي

وأذكر اللحظة

أذكر لحظة ولادتي

– كما قصَّتها عليَّ أمِّي –

أذكر لحظة ذهابي للروضة أوَّل مرَّة

وكيف سقيتُ بدموعي المقاعدَ

والسبُّورة والطباشيرْ

أذكر تلك اللحظة الدافئة

حين نمتُ في حضن أمِّي وهي تغنـِّي لي

{يلا تنام... يلا تنام}

أذكر لحظة وفاة أبي

وكيف كنتُ أتمشَّى في مجلس العزاء

– أو كما أخبروني – في {المولد}

وخلف باب تلك الغرفة المغلقة في وجهي

التي كان يجلس فيها المعزُّون

تخيَّلتُ وجود الدراويش والمولويَّة

أذكر لحظة كتابتي لأوَّل قصيدة

وكم فرحتُ يومها

وكأنني نشرتُ في كلِّ رياض الوطن

مجلة ً ، أو جريدة

أذكر أجمل لحظات عمري

يوم وقفتُ ببسالةٍ أمام حبيبتي

وقلتُ لها {أحبُّّكِ}..!

فحياتي أنا

وحياتكم طبعا ً

لن تتعدَّى يوما ً كونها

مجرَّد لحظاتْ.

من طرف بنت بغداد 04/10/07, 01:41 pm

الـــف شكر وتقدير لك اخوي

مشكوور على كل ما قدمتة

القصيدة في قمة الابداع والتميز

مذكرات إنسان..

مذكرات إنسان..

رد: مذكرات إنسان..